الأحد، 26 فبراير 2012

تفعيل البريد الإلكتروني

ترددت هذه العبارة كثيرا مع بدء تطبيق المراسلات الإلكترونية من قبل وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان؛ ويُراد منها ألا يكون البريد الإلكتروني صورة شكلية بل يصبح أداة من أدوات التواصل التي يتعامل بها موظفو الوزارة . ولنقف وقفة مع تلك العبارة فربما نستفيد منها شيئا ؛ قد يكون بعيدا عن فحواها لكنه يقع ضمن نطاقها بقليل من التأمل.
عندما يحفظ فلان قدرا غير يسير من القرآن الكريم ، ويجوّد ما يتلوه كأفضل ما يقرأ قاريء ؛ بصوت ندي ، ونَغَمٍ شجي ، يأخذ بمجامع القلوب ، ولكنه لا يبارح لسانه ، ولا يخامر جنانه ، فأقواله وأفعاله وفق ما يأمر الشيطان ؛ لا على نهج القرآن ، أما يحتاج هذا إلى " تفعيل البريد الإلكتروني " ؛ بأن يكون القرآن الكريم " مفعّلا " في سلوكياته ، وليس نسوكا يستر بها ما تهالك من أفعاله ؟
حينما نرفع شعارات الصدق والمساواة واحترام الآخرين ومكارم الأخلاق ، فنلقي المحاضرات العلمية ، والخطب البليغة الرنانة ، ونكتب المقالات ؛ في الصحف والمجلات ؛ ننمق فيها الجمل والعبارات ، ونستشهد فيها بالأحاديث النبوية والآيات ، ثم نحن بعد كل ذلك لا يجاوز ما قلناه حناجرنا ومحابرنا ، ألا يستدعي ذلك " تفعيل البريد الإلكتروني " ؛ فنعمل على أن نتمثل ما قلناه وكتبناه في واقع حياتنا ؟
وعندما نحشو أدمغتنا بمختلف المنظومات النحوية وشروحاتها ، ومنظومات التجويد ودقائق أحكامها ، ونتهافت على اقتناء الكتب في تلك الفنون ، ونحن لا نقيم جملة صحيحة على ألسنتنا ، ولا نحسن قراءة آيتين متصلتين من كتاب الله ؛ أما يدعونا ذلك إلى " تفعيل البريد الإلكتروني " ؛ ليكون ما كنزنا به العقول أداة نقيم بها الألسن ، وتبعدنا عن الخطأ واللحن ؟
وحين نحث الآخرين على الإنفاق في سبيل الله ، ونكثر اللوم والعتاب على المقصرين ، ونلقي باللائمة على أساليب تربيتهم في هذا الجانب ، وبيننا وبين الإنفاق بُعد المشرقين فبئس المتحدث ؛ أليس  الأولى " تفعيل البريد الإلكتروني " ؛ بأن يرى من نخاطب أفعالنا قبل أقوالنا ؟
مشاهد تتكرر ، وصور تتوالى ، لعلك – عزيزي القاريء – تستحضر كثيرا منها في مخيلتك الآن ؛ فإن لم تكن ممن يفعّلون بريدهم الإلكتروني فلا تلم غيرك إن لم يفعّلوه ، واعمل على تفعيل بريدك فما أحوجنا إلى " تفعيل البريد الإلكتروني ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق